ولد المجاهد اقطيط موسى علي الحاسي في مدينة شحات عام 1876م تقريبا، ينتسب اقطيط موسى إلى بيت مغاثة فرع الشبارقة من قبيلة الحاسة، ودرس بزاوية شحات وفي بداية شبابه عمل في الفلاحة وتجارة المواشي وتحت رعاية أخوة الأكبر الساعدي موسى.
المجاهد اقطيط أشترك في العديد من المعارك ضد الأتراك وهو من الذين رفضوا التجنيد ودفع الضرائب، والتحق بحركة الجهاد في بداية الغزو الإيطالي عام 1911م وكان عمره 35 عاما تقريبا.
كانت أول معارك يشترك فيها المجاهد اقطيط موسي هي معركة الرحيل 28/10/1911م، وشارك المجاهد يوم 17/9/1912م في الهجوم إلى جانب مئات من المجاهدين على الثلاثة مواقع التابعة للقوات الإيطالية في القرقف ورأس اللبن وعين بنت المتجاورة، كموقع واحد شرقي مدينة درنة. وقد نبه القائد أنور باشا في بداية الزحف جموع المجاهدين بعدم الهجوم وإطلاق النار علي المواقع الثلاثة بتهور وعدم روية، وقابل العدو هجمات جموع المجاهدين بوابل كثيف من القذائف بمدافع الميدان والرشاشات، فسقط عدد كبير من الشهداء وعلى الرغم مما تعرض له المجاهدون من خسائر جسيمة إلا أنهم واصلوا صمودهم ببسالة وثبات بمساندة قذائف المدافع التابعة لأنور باشا إلى أن اختلط الظلام فانسحبوا من ارض المعركة إلى مواقع أكثر حصانة.
فقد المجاهدون في هذه المعارك أكثر من ألف شهيد كان من بينهم حوالي ثلاثمائة شهيد من أبناء عم المجاهد اقطيط موسى، بينما اعترف العدو بمقتل مائتي جندي وخمسة من الضباط كان من بينهم الميجر فرانسيسكو موزي، ويبدو من البيتين التاليين أن خسائر المجاهدين كانت كبيرة في جانب المجاهدين الشباب المرد الذين شاركوا في المعركة:
صار يوم في شيحه ..
غباره ثايب ..
كيده علي المردين ..
دموع الشايب.
القائد أنور باشا تحدث بإعجاب عن شجاعة قبيلة الحاسة وقائدها وموقفها الصلب من الإيطاليين فيقول: استلمت اليوم الأنباء الأولية من مدينة درنة حيث خسارة الإيطاليين فاقت توقعاتي حيث بلغت 800 قتيل وجريح، عثر الإيطاليون على الجرحى الذين تخلينا عنهم والبالغ عددهم 21 وأكثرهم من أبناء قبيلة الحاسة من أبناء الجبل ببرقة ؛ فقد أرسل الإيطاليون رسولا ليبلغهم الموافقة على اطلاق سراح الجرحى إذا تخلى أبناء قبيلة الحاسة عن الاشتراك في القتال، وكان رد اقطيط كالآتي:
"إنكم أتيتم لتدمير بلادنا، وسنبقى أمناء لأمر الله والسلطان، واتحدنا لنحاربكم واعتبرنا الأسرى موتى منذ أسرهم وبكيناهم ولكن كل ذلك مضى سواء أطلقتناهم، أم لا، فسنحاربكم حتى آخر رجل، ونوصيكم بمعاملة الأسرى بالحسنى، ولا تنسوا ما في أيدينا من رجالكم، وأشعر بالفخر لكوني قائد لمثل هؤلاء الرجال، ولأنني أحارب معهم في صف واحد".
علما بأن المجاهد اقطيط في ذلك الوقت كان عمره 36 عاما تقريبا، ولكنه كان كبير الحنكة والمعاملة مع العدو والصديق، لهذا لقب بالشايب.
وبعد معركة القرقف أخذ المجاهدون في تنظيم صفوفهم وإعداد العدة للأخذ بثأر شهدائهم في معركة القرقف، وبعد حوالي أسبوع أي يوم 14/9/1912م من وقوع معركة القرقف، خرجت قوات إيطالية ضخمة من تحصيناتها إلى معاقل المجاهدين بالطرف الغربي من المدينة، وقد أعمتها نشوة الانتصار في معركة القرقف عن تقدير قوة المجاهدين، وقد شارك المجاهد اقطيط موسي المجاهدين في نصب كمين لمقدمة قوات العدو الغاشم عند مرتفع "تمسكت" المسمى باسم ضابط تركي "عبدالله تمسكت"، وتمكن المجاهدون من إبادة مقدمة القوات الإيطالية بالكامل، واضطرت القوات الإيطالية للتراجع، وعادت بعد ساعات، ودارت بين قوات المجاهدين والعدو معركة ضارية وعنيفة استمرت ثلاثة أيام متتالية، أبلي فيها المجاهدون بلاء حسنا، واستفادوا من قذائف المدفعية التابعة لأنور باشا، وتمكن المجاهدون من دحر قوات العدو، وتكبيدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، آخذين بثأر شهدائهم بمعركة القرقف.
وبعد احتلال مدينة شحات في 20/5/1913م إنتقل المجاهد اقطيط إلى منطقة الصفصاف، وبعد أن أقسم اقطيط موسي الحاسي من يوم التحاقه بالجهاد ألا يقابل العدو إلا وهو يقاتله، رفض قبول حضور أي هدنة أو مفاوضات مع الإيطاليين، فقد قال للأمير إدريس: "لك منى عهد أمام الله، لا أريد أن أراهم إلا والرصاص مني وابل عليهم".
وبعد اتفاقية أوشي لوزان كان أول قتيل من القوات الإيطالية على يد اقطيط موسي غرب مدينة درنة، وأخذ في تشكيل بعض كتائب المقاومة المعروفة باسم (دور اقطيط)، وتحصل على دعم مادي ومعنوي من أخوه الأكبر المجاهد الساعدي موسى، وبالتعاون مع إخوته وأبناء عمومته وسكان المناطق القريبة من شحات بأرواحهم وبكل ما يملكون، مثل المجاهد محمد بوفضيلة، والمجاهد حمد محمد (الحول بوالقزع)، والمجاهد احميدة بوعمر، والمجاهد عبد الحق الطائع، والمجاهد امحمد علي المتجول المهدوي، والمجاهد عبدالله بوشغميمة، وغيرهم من أبطال ليبيا. وقد أخذ هذا الدور الوليد في مهاجمة قوافل العدو ونقل المؤن والمعدات، وقضى على عدد كبير من حراسها، وواصل مهاجمة قواعد ومراكز القوات الإيطالية ببلدية شحات وسوسة والقيقب ليلا ونهارا، وقد استطاع الاستيلاء على عدد كبير من المعدات العسكرية من أسلحة وذخائر، فشعر قادة العدو بخطورة تلك الهجمات، وقرروا القضاء على تجمع المجاهدين بمنطقة الصفصاف، وتم زحف قوتين كبيرتين، كان قائد القوة الأولى الميجر بيلي، وقائد القوة الثانية الميجر ملياتشي، يوم 1/6/1913م. ودارت معركة عنيفة بين المجاهدين وقوات العدو، وبعد ثلاثة أيام من القتال المتواصل انتهت المعركة بتقهقر قوات العدو وأعوانهم، تاركين في ساحة المعركة عددا كبيرا من القتلى والجرحى والأسرى، وكان من بين القتلى قوات العدو قائد القوة الأولى الميجر بيلي، وقائد القوة الثانية الميجر ملياتشي، ومساعده.
ويروى عن بعض المجاهدين أنهم شاركوا في معركة الصفصاف بذبح عدد من كبير من جنود الطليان والأحباش بالمدي والسكاكين، وبلغت خسائر القوات الايطالية في معركة الصفصاف طبقا للبلاغات الرسمية الايطالية: من الضباط ثمانية قتلى، وخمسة جرحى، ومن الجنود ثلاثين قتيلا، ومائة وخمسين جريحا، واعتبر أربعة وستين جنديا في عداد الأموات، وتم حرق عدد من السيارات، واستولى المجاهدون على عدد كبير من الاسلحة الخفيفة والثقيلة والذخائر.
وشارك المجاهد اقطيط في معركة الصفصاف كقائد ومقاتل، إلى جانب حوالي ثلاثمائة مجاهد في التصدي لهاتين القوتين الكبيرتين اللتين هاجمتا مقر المجاهدين بمنطقة الصفصاف قرب مكان يسمى سيدي احميدة، حيث انتهت بمداخل منطقة القيقب في اليوم الثالث للمعاركة، والدليل على صحة ذلك وجود قبور معروفة للمجاهدين في منطقة لالي القريبة جدا من القيقب.
المجاهد اقطيط موسي إشترك في كثير من المعارك من بينها:.اخليطه بشحات، وادي المحجة، خولان، يوم الأبرق، مقطع الكراهب، بومنصور، بوشمال، خشم ارزيق، عين بنت، عقيرة الدم، تاكنس، الحنية، مراوة، الحليقيمة، زاوية القصور، الشليظمة، عقيرة المطمورة، أم شخناب، أببار بوصفية، الرحبة، الرحيبة، وغيرها من المعارك.
وكان المجاهد اقطيط من أفضل من يقود العمليات الخاطفة مثل الهجوم علي قواعد وقوافل التموين والسلاح، ومن الخيول التي ماتت في ميدان المجاهد كانت ثلاثة، والجروح كانت في كل مكان من جسده الطاهر، ويده اليمين كانت شبه مشلولة، والشيء الوحيد السليم كان إصبع السبابة.
عند إبرام اتفاقية الرجمة في 25 أكتوبر 1920م والذي بموجبه قسمت برقة إلى قسمين: الشمالي، وفيه السواحل وبعض الجبل الأخضر ويخضع للسيادة الإيطالية، والجنوبي وهو الداخل ويشمل الجغبوب، وأوجله وجالو، والكفرة، ويكوّن إدارة مستقلة للإمارة السنوسية، ويتمتع السيد محمد إدريس بلقب (أمير) على أن يكون اللقب وراثياً وعاصمة الأمارة هي اجدابيا. وأجبر العديد من المجاهدين علي إلقاء أسلحتهم، فأعلن المجاهد اقطيط الحاسي رفضه لبنود الاتفاقية وبقية الاتفاقيات مثل: الصفصاف والقيقب، وعزم على مواصلة قتال القوات الإيطالية وقد وعلم قادة الطليان برفض اقطيط الحاسي لبنود اتفاقية الرجمة وإصراره على موصله القتال وقرر القادة الطليان دفع مبلغ من المال للقبض عليه أو تكتفي بقتله، ومن خوف المجاهد الساعدي من غدر الطليان أشار عليه بالرحيل إلى أرض البراعصة عيت عريف، طرف المجاهد السنوسي ابريدان حين حط اقطيط موسى وبعض من أفراد أسرته وبعض المجاهدين الرافضين تسليم سلاحهم بحماه في وادي أببار الزوزات، حتى لحقت بهم عيون البصاصة المجندين.
وفي فجر أحد تلك الأيام أخذت فرس المجاهد اقطيط الحاسي تصهل بصوت مرتفع وتهز رأسها وتدور وتلف في مربطها دون توقف أيقظ المجاهد محمد بوفضيلة الحاسي وزوجته المجاهدة رمكة عمر جرهمان، فقال لها المجاهد اقطيط الفرس مربوطة ع الريح تشم رائحة خيل النصارى، وهي فرس مجربة، ولا شك أن خيل الطليان تقترب فخذوا حذركم. فوضعوا السرج على ظهر الفرس ووثق وشدت الشريحة وعلق مخالي الذخيرة في قربوس السرج. وفي الصباح وصل سبع فرسان من فرسان الطليان وبعض العملاء بقيادة رجل يدعى بلعون إلى أببار الزوزات ولكن عندما شاهدوا استعداد المجاهدين اقطيط والسنوسي ورفاقهما أخذوا في محاولة إقناع المجاهد اقطيط بمرافقتهما إلى بلدة شحات للتفاوض معه، فرفض المجاهد اقطيط الحاسي مرافقتهم وحاول احد العملاء مع مجموعة من الخونة الاستيلاء على كل دواب المجاهد اقطيط، وقال المجاهد السنوسي ابريدان قذٌارته الشهيرة:
يا كلب يا بلعون .. تسوق في غلم جاراتنا
وامتشق سلاحه للدفاع على من استجار به، ودارت معركة لم تدم أربع ساعات، ومات منهم نفر، وهرب بلعون، ووقعت زوجته المجاهدة رمكة في الأسر حتى يتم إجبار المجاهد اقطيط على الاستسلام، وهرب بها أحدهم على حصانه، فلحق بها المجاهد اقطيط وقال لها "اضوئي يا رمكة"، يعني احني راسك على إحدى الجهات، وفعلا استجابت المجاهدة رمكة جرهمان، ومن الرصاصة الأولى في رأسه سقط العميل، وعادت المجاهدة رمكة على جواد ذلك العميل، وأفصح المجاهد اقطيط موسى عن عدم ثقته في عهود جميع القادة الطليان.
عند مغادرة السبع فرسان قال المجاهد السنوسي للمجاهد اقطيط: "يا اقطيط هي واردة ع الحداد واردة، فلنقضي عليهم جميعا". فرد المجاهد اقطيط: "لا، سينتقم الطليان من الأهالي". وبعد يومين هاجمت قوة كبيرة من الخيالة الطليان وأعوانهم مقر المجاهدين اقطيط والسنوسي ورفاقهم في أببار الزوزات، وتصدى لهم المجاهدين اقطيط والسنوسي إلى جانب عدد قليل من رفاقهما، كان من بينهم: محمد بوفضيلة الحاسي، ومجيد بوطراطيش، وعبد الونيس بريدان، ومحمد بريدان، وعبدالجليل السنوسي، والسنوسي بريدان، وسليمان بريدان، وودار بين الطرفين قتال عنيف استمر عدة ساعات متواصلة وانتهى القتال عند المساء بتقهقر العدو وانسحابهم من أرض المعركة، وأصيب المجاهد اقطيط الحاسي بجروح بليغة، وكسرت ذراعه اليمنى، فنقله المجاهدون إلى احد الآبار الخفية وأشرفوا على علاجه ورعايته، وبعد ثلاثة أشهر من العلاج بالعسل وشحم الضان تماثل المجاهد اقطيط للشفاء، وعاد لقتال قوات العدو من جديد، وفي أعقاب معركة أبيار الزوزات صدر حكم غيابي من احدى المحاكم الإيطالية بإعدام كل من اقطيط موسى، والسنوسي بريدان، وكل من يمد لهم يد العون، ولكن السلطات الإيطالية فشلت في الوصول إليهما.
وبعد اتفاقية بومريم يوم 15/10/1921م وتمكن القوات الايطالية من الاستيلاء على بعض المعسكرات المختلطة التنكيل بمئات المواطنين والغدر ببعض عملائها، ومع استلام الشيخ عمر المختار قيادة جميع أدوار الجهاد عام 1923م قام قادة المجاهدين بتنظيم صفوف المجاهدين وأخذوا في شن العديد من الهجمات على قواعد ومراكز قوات العدو، فأعادوا للمواطنين اعتبارهم وقضوا مضاجع القادة الطليان، وكان قادة الجهاد هم:
عمر المختار (في مناطق جردس)، يوسف بورحيل (تاكنس والمرج)، الفضيل بوعمر الأوجلي (سوسة وشحات)، عبد الحميد العبار (الابيار والرجمة وبنينا)، اقطيط موسى الحاسي (خولان)، حسين الجويفي (سلطنة والفائدية)، عصمان الشامي (مراوة)، علي بورحيم الدرسي (المرج وطلميثة، وفي حالة غياب الشيخ عمر المختار يرأس المجلس المجاهد يوسف بورحيل.
كان المجاهد قطيط يتولى قيادة المجاهدين نيابة عن عمر المختار، حين يكون غائباً وخاصة في أسفاره إلى مصر، فقد أوكل المختار إليه القيادة عام 1923م مدة غيابه في مصر، وتولى المجاهد اقطيط موسي قيادة العديد من الهجمات ليلا ونهارا على قواعد ومراكز العدو ودارت بين المجاهدين والعدو الايطالي معارك ضارية في الكثير من مناطق ليبيا الحبيبة، وكبد المجاهدون القوات الايطالية هزائم مريرة ولقنوهم دروسا في الثبات والصمود والبسالة لا يمكن لا التاريخ ولا العدو أن ينساها، وقد عرف المجاهد اقطيط موسى بين رفاقة بالشجاعة والإقدام والبراعة في الرماية ووضع الخطط الهجومية والدفاعية والمشاركة في نصب الكمائن لقوافل العدو مثل مشاركته في مطلع عام 1926م في نصب كمين معركة الكراهب في المرتفعات بين سوسة وشحات عندما علم المجاهدون بوصول 50 ضابطا ايطاليا في مقتبل العمر من خريجي الأكاديمية العسكرية الايطالية إلى بلدة سوسة، وعندما علم المجاهدون بالموعد المقرر لتوجه الضباط الجدد إلى بلدة شحات أمر شيخ المجاهدين عمر المختار مجموعة تتكون من 30 مجاهدا معروفين بالبراعة في دقة الرماية والتصويب بقيادة المجاهد فرج الورفلي بنصب كمين لقافلة أولئك الضباط الشبان القادمين من روما. وفي إحدى الليالي إنطلق المجاهد فرج الورفلي ورفاقة الثلاثون ومنهم: اقطيط موسى الحاسي، محمد بوفضيلة الحاسي، فرج بوخمادة، مجيد بوكسولة الحاسي، عبدالونيس بوكسولة الحاسي، عبد القادر القبائلي، امبارك عثمان الحاسي، عبد الرحمن العليقي العبيدي، صالح امطير العبيدي، شعبان عبدالقادر المسماري، فرج الورفلي، علي اليمني، محمد رجب الحاسي، محمد المرتضى الحاسي، افكيرين الحاسي، فرج القرعاني، سعد الهائن الحاسي، عبد القادرالجالي العبيدي، صالح محمود العبيدي، وقاموا بأداء صلاة الجنازة عند منخفض بالحصى، وعند ظهور خيوط الفجر الأولى كمن المجاهدون بالتحديد عند الكيلو 9،)وأخذوا في انتظار ظهور أول سيارة من السيارات القادمة من سوسة، وما ان ظهرت السيارة الأولى حتى أطلق عليها القناص المجاهد محمد البخيتي الحاسي، وكان من أبرع الرماة دقة وتصويب، فأصاب الضابط والسائق واختل توازن السيارة وانقلبت، وتم عرقلة حركة بقية السيارات وانهمر عليهم الرصاص من كل مكان حتى اشتعلت فيها النيران، واضطر من فيها مغادرتها من كثافة النيران، ونكسو أسلحتهم، ولكن تواصل إطلاق النار عليهم من جميع الجهات قتل منهم حوالي 42 ضابطا وأسر 8 ضباط، واستشهد المجاهدان فرج الورفلي وعبدالرحمن العليقي، وأصيب المجاهد فرج القرعاني بجراح بليغة، وعاد المجاهدون بالمجاهد الجريح والضباط الأسرى، وقضى المجاهدون والضباط الاسرى مدة أسبوع في ضيافة دور العبيدات والحاسة، وبعدها غادروا إلى زاوية القصور.
عندما قام الأمير إدريس السنوسي بفتح باب التطوع للجهاد ,فأقبل الليبيين من أبناء قبائل الجبل الأخضر بوجوه مستبشرة وقلوب مطمئنة وتلهف على مجابهة العدو الغادر, وكانت ترافقه لجنة مكونة من أعيان وعلية القوم وشيوخ قبائل (الحرابي, والبراغيث, والمرابطين) لمساعدته في عمله العظيم وكان من بنهم,,اقطيط موسي الحاسي , بوشديق بومازق حدوث , الصيفاط بوفروة , محمد جلغاف , حمد الصغير حدوث, دلاف بوعبداللة , محمد العلواني , سويكر عبدالجليل , موسي بوغيضان , الغرياني عبدربة بوشناف , عبداللة الخراساني , عوض عقاب العبيدي , رجب بوسيحة , رواق حسين بودرمان المنفي , كريم بوراقيه .
وبعد استلام الشيخ عمر المختار المجلس الأعلى لجميع أدوار الجهاد 1923م أستخدم النظام العسكري العثماني,فبالإضافة إلي القائمقام والقوماندان هناك بكباشي ـ يوزباشي ـ ملازم ـ أول ـ ملازم ثاني ـ كوخك ضابط (ضابط صغير)ـ باش شاوش ـ شاوش ـ أبماشي.
وكانت الترقيات تتم على أسس ميدانية بناء على ما يقدمه الشخص من الأعمال وبطولات في ميادين المعارك والمواقف الدقيقة , وتقلد عدة مناصب رفيعة مثل.(منصب كومندار وقائمقام وعضو في المجلس الاستشاري الأعلى لجميع أدوار الجهاد برئاسة شيخ المجاهدين عمر المختار وعضوية معظم قادة أدوار الجهاد.
* الحق بما يشهد به الاعداء
"أخطأنا كثيرا عندما صدقنا أن قبيلة الحاسة متعاونة معنا وتريد السلام فقد أتضح أنها جسر لا ينقطع لدعم العصيان وحركات التمرد بل وتجهيز المتمردين بالمؤن والسلاح والدليل علي ذلك(1) المدعو اقطيط موسى الحاسي وهو أحد مشاهير قبيلة الحاسة، رجل أمي، غير أنه أول من أشعل فتيل العصيان والتمرد في الجبل الأخضر، يعاونه متمرد اخر لا يقل خطورة يدعى السنوسي ابريدان العريفي من قبيلة البراعصة. وكان اقطيط موسى هذا كثيرا ما يقود عمليات التمرد فهو فارس شجاع يجيد قيادة العمليات الخاطفة يعاونه شخص اخر من نفس القبيلة يدعى الحول بو الأقزع من سكان الفائدية، وهناك متمرد اخر يعتبر من أهم أركان حرب عمر المختار يدعى مفتاح بن اقويرش، جريء لدرجة التهور الشديد في الحب والولاء لعمر المختار، وكثيرا ما يعتمد هؤلاء المتمردون على دعم قبيلة الحاسة الذي لا ينقطع عنهم أبدا.".
من هذا التاريخ بدأ المجاهد اقطيط في تأسيس بما يعرف بالدور، وتم تشكيل دور الحاسة بالتعاون مع المجاهد السنوسي العريفي.
ومع نهاية عام 1927م ازداد الخناق والضغط على سير حركة الجهاد في الجبل الأخضر، فنقصت المعلومات، وقل التموين، ونقص العتاد، وأقيم الشبردق على الحدود الشرقية، وتم تجنيد عدد من الليبيين للتعاون مع الجيش الايطالي، وبدأت سياسة المعتقلات، وكانت الدوريات التي تفتش وتبحث عن السلاح والمجاهدين تزداد يوما بعد يوم فازداد خوف المجاهد الساعدي على أخوه المجاهد اقطيط للمرة الثانية، وفي ذلك اليوم دار حديث بين الإخوة وكان ابن أخوهم المجاهد عيسى جرهمان موجودا. قال الساعدي: يا قطيط عليك بتجهيز نفسك لتذهب معنا إلى بر مصر. فرد المجاهد اقطيط: لن أترك وطني والجبل الأخضر للكلاب "يقصد الطليان" واللي ما يدير شيء في وطنه ما يدير شيء في وطن الغير. وبعد جدال طويل تم اقناع المجاهد اقطيط وجردوه من سلاحه وأخذوا الفرس ولا مناص من السفر إلى بر مصر وكان المجاهد اقطيط غير راضي على السفر وركوب الجمل، وكان معروفا بركوب الخيل، لذاك أركبوه جملا للتخفي عن عيون الجواسيس، وكان اقطيط شاعر ومعروف بالقذارة، ومما قاله:
مشينا وسيبناك .. تبقى علي خير يا جبل
إن شاء الله يا شحات .. نجيك في طياير واجدة
إن شاء الله راعي الحمر .. يجيب قوم حصار روسه
فارس لهم منسوخ .. يجيبه الله ونحضروا
ويقصد قائد الجهاد أحمد الشريف.
وفي الطريق استراحوا في منطقة تسمى العوجزي وتلك المنطقة فيها أشجار خضراء بها أشواك وكان الماء بها قليل جدا ولم يجدوا الماء الكافي لمن معهم من نساء وأطفال وكان من بينهم الطفل امعزيق عيسى، والطفل مفتاح الساعدي، والشباب سليمان الساعدي، وعبد ربه الساعدي، والشاب محمد اقطيط وغيرهم، ومعهم دواب، فقال المجاهد اقطيط:
لو كان يا شحات .. شرابك يجي العوجزي
وفي طريقهم وجدوا عزاء لأحد شيوخ أولاد علي، وكان معظم رجال القبيلة في حالة يرثى لها، فقال لهم:
مو امغير غالي غاب .. واجد اللي ديلتبه
يقصد مغادرة واحتلال العدو الوطن.
وفي وليمة عشاء عند المجاهد الساعدي لبعض المجاهدين قال اقطيط في نوع من الترفيه:
راحت عليكم ليل .. يا فريق لولا الساعدي
استقر المقام باقطيط في منطقة سيدي البرانى وبعده في البحيرة، وفي مصر كان شيخ نجع الحرابى التي هاجر إليها قوم من أقربائه، حتى دعاه السيد إدريس السنوسي ليبين له انه قرر الاتفاق مع الإنجليز لتكوين جيش التحرير من مجاهدي برقة ويقاتل مع الحلفاء ضد المحور بشرط تحرير برقة، وفي يوم الاجتماع بتاريخ 9 أغسطس 1940م وفي منزل الأمير إدريس السنوسي بحي الزمالك بالقاهرة، تقرر تشكيل جيش لتحرير ليبيا، التحق اقطيط موسي الحاسي وعدد من مجاهدي برقة المهاجرين بالسيد إدريس السنوسي، ووقعوا معه وثيقة بموافقتهم على ذلك وكان من بينهم: اقطيط موسى الحاسي، والشيخ عبد الحميد العبار، وصالح بو امطير، والشيخ حمد بوخيرالله، واعروق بومازق، وصالح لطيوش، وغيرهم.
وكان اقطيط موسى الحاسي من مؤسسي الجيش السنوسي حيث كان مسئولا عن تجنيد الحرابى واخوتهم المرابطين من المهاجرين والمقيمين في مصر، وكان أول من التحق بالتجنيد في ذلك الوقت من أسرة المجاهد اقطيط موسى ابنه الأكبر للحاج محمد أقطيط، الذي وعاد إلى ارض الوطن عام 1944م.
وانتقل اقطيط إلى رحمة الله يوم 24/12/1962م في منطقة الصفصاف وتم تشييع موكب جنازته وسط كوكبة من الفرسان وجمع غفير من سكان الجبل الأخضر ودفن في مقام عيت سيدي يحيى السبعة في منطقة الصفصاف. نسأل الله له ولأمثاله الرحمة، وندعو الله عز وجل أن يجعل هؤلاء الأبطال نبراسا لأجيالنا والأجيال القادمة، لمزيد من حب الوطن، والتضحية في سبيله نسأل الله أن ينفعنا وإياكم، بسيرة أمثال هذا البطل، وله منا ثواب الفاتحة.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لا يوجد حالياً أي تعليق